أولها النسخ إلى بدل أخف على نفس المكلف من الحكم السابق كنسخ تحريم الأكل والشرب والجماع بعد النوم في ليل رمضان بإباحة ذلك إذ قال سبحانه:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} .
ثانيها النسخ إلى بدل مساو للحكم الأول في خفته أو ثقله على نفس المكلف كنسخ وجوب استقبال بيت المقدس بوجوب استقبال الكعبة في قوله سبحانه:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} .
وهذان النوعان لا خلاف في جوازهما عقلا ووقوعهما سمعا عند القائلين بالنسخ كافة.
ثالثها النسخ إلى بدل أثقل من الحكم المنسوخ وفي هذا النوع يدب الخلاف فجمهور العلماء يذهبون إلى جوازه عقلا وسمعا كالنوعين السابقين ويستدلون على هذا بأمثلة كثيرة تثبت الوقوع السمعي وهو أدل دليل على الجواز العقلي كما علمت من تلك الأمثلة أن الله تعالى نسخ إباحة الخمر بتحريمها ومنها أنه تعالى نسخ ما فرض من مسالمة الكفار المحاربين بما فرض من قتالهم:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} . ومنها أن حد الزنى كان في فجر الإسلام لا يعدو التعنيف والحبس في البيوت ثم نسخ