ذلك ما ارتآه الجمهور ولكن قوما شطوا فمنعوا هذا النوع الثالث عقلا وآخرون أسرفوا فمنعوه سمعا وكلهم محجوجون بما ذكرنا من الأدلة غير أنا لا نكتفي بذلك بل نعرض عليك شبهاتهم ونفندها بين يديك لئلا تنخدع ولا نسمح لأحد أن ينخدع!؟
الشبهة الأولى ودفعها:
يقول المانعون لهذا النوع عقلا إن تكليف الله لعباده لا بد أن يكون لمصلحة راجعة إلى العباد لا إليه ومحال أن يكون لغير مصلحة وإلا كان الله سبحانه عابثا ومحال أن يكون لمصلحة تعود على الله لأنه تعالى هو الغني عن خلقه جميعا وإذا كان التكليف راجعا لمصلحة العباد وحدهم فلا بد أن يكون على حالة تدعو إلى امتثالهم وليس في نقل العباد من الأخف إلى الأشد داعية إلى امتثالهم بل هو العكس من ذلك فيه تزهيد لهم في الطاعة وتثبيط لهم عن الواجب وكل ما كان كذلك يمتنع أن يصدر من الله عقلا
وندفع هذه الشبهة أولا بأن هذه سفسطات مفضوحة ومغالطات مكشوفة عمي فيها هؤلاء أو تعاموا عن الحقائق الواقعة في التشريع وهي نقل العباد فعلا من أحكام خفيفة إلى أحكام أشد منها كما مثلنا آنفا.
ثانيا أننا نقلب حجة هؤلاء عليهم ونرد كيدهن في نحرهم ونعمل سلاحهم