من فوائد العلم بالمكي والمدني تمييز الناسخ من المنسوخ فيما إذا وردت آيتان أو آيات من القرآن الكريم في موضوع واحد وكان الحكم في إحدى هاتين الآيتين أو الآيات مخالفا للحكم في غيرها ثم عرف أن بعضها مكي وبعضها مدني فإننا نحكم بأن المدني منها ناسخ للمكي نظرا إلى تأخر المدني عن المكي.
ومن فوائده أيضا معرفة تاريخ التشريع وتدرجه الحكيم بوجه عام وذلك يترتب عليه الإيمان بسمو السياسة الإسلامية في تربية الشعوب والأفراد. وسيستقبلك في هذا المبحث فروق بين المكي والمدني تلاحظ فيها جلال هذه الحكمة.
ومن فوائده أيضا الثقة بهذا القرآن وبوصوله إلينا سالما من التغيير والتحريف.
ويدل على ذلك اهتمام المسلمين به كل هذا الاهتمام حتى ليعرفون ويتناقلون ما نزل منه قبل الهجرة وما نزل بعدها وما نزل بالحضر وما نزل بالسفر وما نزل بالنهار وما نزل بالليل وما نزل بالشتاء وما نزل بالصيف وما نزل بالأرض وما نزل بالسماء إلى غير ذلك. فلا يعقل بعد هذا أن يسكتوا ويتركوا أحدا يمسه ويعبث به وهم المتحمسون لحراسته وحمايته والإحاطة بكل ما يتصل به أو يحتف بنزوله إلى هذا الحد.