وإنما لم يجمع القرآن في صحف ولا مصاحف لاعتبارات كثيرة:
أولها: أنه لم يوجد من دواعي كتابته في صحف أو مصاحف مثل ما وجد على عهد أبي بكر حتى كتبه في صحف. ولا مثل ما وجد على عهد عثمان حتى نسخه في مصاحف. فالمسلمون وقتئذ بخير والقراء كثيرون والإسلام لم يستبحر عمرانه بعد والفتنة مأمونة والتعويل لا يزال على الحفظ أكثر من الكتابة وأدوات الكتابة غير ميسورة وعناية الرسول باستظهار القرآن تفوق الوصف وتوفي على الغاية حتى في طريقة أدائه على حروفه السبعة التي نزل عليها.
وثانيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بصدد أن ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء الله من آية أو آيات.
ثالثها: أن القرآن لم ينزل مرة واحدة بل نزل منجما في مدى عشرين سنة أو أكثر.
رابعها: أن ترتيب آياته وسوره ليس على ترتيب نزوله فقد علمت أن نزوله كان على حسب الأسباب أما ترتيبه فكان لغير ذلك من الاعتبارات.
وأنت خبير بأن القرآن لو جمع في صحف أو مصاحف والحال على ما شرحنا