وهاك معرضا عاما تشهد فيه الآراء الأخرى بما لها وما عليها. رأينا من واجبنا أن نسوقها إليك ثم نوهنها بين يديك كيلا يكون منها حجر عثرة في طريقك إلى ما اخترناه وأيدناه.
القول الأول
إن هذا الحديث مشكل لا سبيل إلى معرفة معناه المقصود. وشبهته أن لفظ أحرف فيه جمع حرف والحرف مشترك لفظي بين معان كثيرة. والمشترك اللفظي لا يدرى أي معانيه هو المقصود؟.
ويدفع هذا الرأي بأنا لا نسلم ما قاله على إطلاقه من أن المشترك اللفظي لا يدرى أي معانيه هو المقصود؟ بل المشترك اللفظي يدل على معناه المقصود متى قامت قرينة تعين ذلك المعنى تقول نظرت بالعين المجردة وشربت من عين زبيدة ومعناهما واضح غير مشكل مع أن لفظ العين فيهما مشترك لفظي ولكن مدلوله يتعين في المثال الأول أن يكون جارحة الإنسان الباصرة ومدلوله في المثال الثاني يتعين أن يكون نابعة الماء الجارية وذلك بقرينة لفظ نظرت في المعنى الأول ولفظ شربت في الثاني.
وعلى هذا الباب جاء لفظ أحرف في الحديث الشريف فإن سياق الروايات السابقة يدل على أن المراد بالحرف معنى من معانيه السابقة على التعيين وهو الوجه وأن الأحرف هي الأوجه التي يرجع إليها الاختلاف في قراءة ألفاظ القرآن لا معانيه. وقد قام الدليل العقلي وهو الاستقراء التام على أن هذه الوجوه سبعة كما أسلفنا فإياك أن تنسى وتذكر الشاهد الثامن إن نفعت الذكرى.