نحو قوله سبحانه:{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} وقرئ وجاءت سكرة الحق بالموت فإن هذه القراءة الثانية لا يحتملها رسم المصحف وإن كانت منقولة عن أبي بكر الصديق وطلحة بن مطرف وزين العابدين رضي الله عنهم لكنها لم تتواتر فهي منسوخة بالعرضة الأخيرة وبإجماع الصحابة على المصحف العثماني فلا يجوز القراءة بها بخلاف القراءة الأولى لأنها وافقت خط المصحف واستقرت القراءة بها دون نسخ. ومثل ذلك قوله سبحانه:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} وقرئ إذ جاء فتح الله والنصر فالأولى هي التي وافقت الرسم. والثانية لم توافقه فهي منسوخة أيضا لما ذكرنا.
وأما الوجه السادس: وهو الاختلاف بالإبطال فقد وافق بعضه رسم المصحف وخالفه البعض أيضا. مثال ما وافق الرسم قوله سبحانه:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} وقرئ فتثبتوا وهما قراءاتان متواترتان. وتوافق كلتاهما رسم المصحف. ومثال الثاني قراءة إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله وقراءة "وتكون الجبال كالصوف المنفوش" فإنهما مخالفتان لرسم المصحف. وذلك لنسخهما بالعرضة الأخيرة أيضا واستقرار الأمر على ما وافق الرسم منه وهو قراءة {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وقراءة {كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} .
وأما الوجه السابع: وهو الاختلاف بسبب تباين اللهجات فيوافق رسم المصحف موافقة تامة. لأنه اختلاف شكلي لا يترتب عليه تغيير جوهر الكلمة وهو ظاهر وتجد شواهد كثيرة في خط المصحف تدل على بعض هذا النوع من الاختلاف نحو {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} فإنها رسمت هكذا بياء في الفعل بعد التاء وبقلب ألف موسى ياء ومن غير شكل ولا إعجام.