إذا جاءت روايتان في نازل واحد من القرآن وذكرت كل من الروايتين سببا صريحا غير ما تذكره الأخرى نظر فيهما. فإما أن تكون إحداهما صحيحة والأخرى غير صحيحة. وإما أن تكون كلتاهما صحيحة ولكن لإحداهما مرجح دون الأخرى. وإما أن تكون كلتاهما صحيحة ولا مرجح لإحداهما على الأخرى ولكن يمكن الأخذ بهما معا. وإما أن تكون كلتاهما صحيحة ولا مرجح ولا يمكن الأخذ بهما معا. فتلك صور أربع لكل منها حكم خاص نسوقه إليك:
أما الصورة الأولى- وهي ما صحت فيه إحدى الروايتين دون الأخرى فحكمها الاعتماد على الصحيحة في بيان السبب. ورد الأخرى غير الصحيحة. مثال ذلك ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب قال: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} . وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها وكانت