المعارضة ولو أنهم حاولوها لنالوها وجاءت على الفرض الأخير من ناحية عجزهم عنه لكن بسبب خارجي عن القرآن وهو وجود مانع منعهم منها قهرا ذلك المانع هو حماية الله لهذا الكتاب وحفظه إياه من معارضة المعارضين وإبطال المبطلين ولو أن هذا المانع زال لجاء الناس بمثله لأنه لا يعلو على مستواهم في بلاغته ونظمه.
تفنيد هذا القول
وهذا القول بفروضه التي افترضوها أو بشبهاته التي تخيلوها لا يثبت أمام البحث ولا يتفق والواقع.
أما الفرض الأول فينقضه ما سجل التاريخ وأثبت التواتر من أن دواعي المعارضة كانت قائمة موفورة ودوافعها كانت مائلة متآخذة وذلك لأدلة كثيرة:
منها أن القرآن تحداهم غير مرة أن يأتوا ولو بمثل أقصر سورة منه ثم سجل العجز عليهم وقال بلغة واثقة إنهم لا يستطيعوا أن يفعلوا ولن يفعلوا ولو ظاهرهم الإنس والجن فكيف لا تثور حميتهم إلى المعارضة بعد هذا ولو كانوا أجبن خلق الله؟.
ومنها أن العرب الذين تحداهم القرآن كانوا مضرب المثل في الحمية والأنفة وإباء الضيم فكيف لا يحركهم هذا التحدي والاستفزاز؟.
ومنها أن صناعتهم البيان وديدنهم التنافس في ميادين الكلام فكيف لا يطيرون بعد هذه الصيحة إلى حلبة المساجلة؟.
ومنها أن القرآن أثار حفائظهم وسفه عقولهم وعقول آبائهم ونعى عليهم الجمود والجهالة والشرك فكيف يسكتون بعد هذا التقريع والتشنيع؟.
ومنها أن القرآن أقام حربا شعواء على أعز شيء لديهم وهي عقائدهم المتغلغة فيهم وعوائدهم المتمكنة منهم فأي شيء يلهب المشاعر ويحرك الهمم إلى المساجلة أكثر من هذا ما دامت هذه المساجلة هي السبيل المتعين لإسكات خصمهم لو استطاعوا.