الذي يدعيه ألف دليل ودليل كما سبق بيانه فأين الثرى من الثريا وأين الظلام من النور؟.
خامسها أن هذه الفتاة الهائجة الثائرة لم تكن صاحبة دعوة إلى إصلاح ولا ذات أثر باق في التاريخ إنما كانت صاحبة سيف ومسعرة حرب في فترة من الزمن لغرض مشترك بين الإنسان والحيوان وهو الدفاع عن النفس والوطن بمقتضى غريزة حب البقاء ثم لم تلبث جذوتها أن بردت وحماستها أن خمدت.
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر
فأين هذه الآنسة الثائرة من أفضل الخلق في دعوته الكبرى وأثره الخالد في إصلاح أديان البشر وشرائعهم وأعمالهم وأخلاقهم وفي إنقاذ الإنسانية العانية وتجديد دمها بدينه الجديد الذي قلب به أوضاع الدنيا ونقل بسببه العالم إلى طور سعيد بل إلى الطور السعيد الذي لولاه لدام يتخبط في الظلمات ولبات في عداد الأموات أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها؟!
الشبهة الثالثة ودفعها:
يقولون إنه: صلى الله عليه وسلم كان يلقى ورقة بن نوفل فيأخذ عنه ويسمع منه وورقة لا يبخل عليه لأنه قريب لخديجة زوج محمد يريدون بهذا أن يوهموا قراءهم وسامعيهم بأن هذا القرآن استمد علومه من هذا النصراني الكبير الذي يجيد اللغة العبرية ويقرأ بها ما شاء الله.
وندفع هذه الشبهة بمثل ما دفعنا به ما قبلها ونقرر أنه لا دليل عندهم على هذا الذي يتوهمونه ويوهمون الناس به بل الدليل قائم عليهم فإن الروايات الصحيحة تثبت أن خديجة ذهبت بالنبي حين بدأه الوحي إلى ورقة ولما قص الرسول قصصه قال: