للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن هذا المزيج الطريف الذي نجده في كل سورة أو طائفة منه له أثر بالغ في التذاذ قارئه وتشويق سامعه واستفادة المستفيد بأنواع متنوعة منه في كل جلسة من جلساته أو درس من درسه وهذا هو الأسلوب الحكيم في التعليم والإرشاد خصوصا لتلك الأمة الأمية التي نزل عليها. فما أشبه كل مجموعة من القرآن بروضة يانعة يتنقل الإنسان بين أفيائها متمتعا بكل الثمرات أو بمائدة حافلة بشتى الأطعمة يشبع الجائع حاجته بما فيها من جميع الألوان.

وهنا دقيقة أحب ألا تعزب عن علمك. وهي أن هذا الروض الرباني اليانع القرآن الكريم يقوم بين جمله وآيه وسوره تناسب بارع وارتباط محكم وائتلاف بديع ينتهي إلى حد الإعجاز خصوصا إذا لاحظنا نزوله منجما على السنين والشهور والأيام.

قال الشيخ ولي الدين الملوي: قد وهم من قال: لا يطلب للآي الكريمة مناسبة لأنها على حسب الوقائع المفرقة. وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلا وعلى حسب الحكمة ترتيبا وتأصيلا. فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف كما أنزل جملة إلى بيت العزة. ومن المعجز البين أسلوبه ونظمه الباهر والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها؟ ففي ذلك علم جم. وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له.

وقال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره لسورة البقرة ما نصه:

ومن تأمل في لطائف نظم هذه السورة وفي بدائع ترتيبها علم أن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه فهو معجز أيضا بسبب ترتيبه ونظم آياته. ولعل الذين قالوا: إنه معجز بسبب أسلوبه أرادوا ذلك إلا أني رأيت جمهور

<<  <  ج: ص:  >  >>