للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناحية المفهومة لهم كل الفهم وذلك ليظهر أمر الله واضحا جليا لا لبس فيه ولا غموض ولا شبهة ولا شكوك {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} .

ومن هنا نعلم والتاريخ يشهد أن القرآن لو كان مصدره نفس محمد كما يقول أولئك الملاحدة لأمكن هؤلاء العرب البارزين في البيان أن يعرفوا أنه كلامه بما أوتوا من ملكة النقد وما وهبوا من نباهة الحس والذوق ثم لأمكنهم أن يجاروه ولو شوطا قريبا إن لم يمكنهم مجاراته شوطا بعيدا. لا سيما أن القرآن قد اكتفى منهم في معرض التحدي بأن يأتوا بسورة من مثل أقصر سورة أي بمثل ثلاث آيات قصار من بين تلك الآلاف المؤلفة التي اشتمل عليها الكتاب العزيز. وأنت خبير بأن هؤلاء لم تكن لتعييهم تلك المساجلة وهم فرسان ذلك الميدان. وأئمة الفصاحة والبيان لو كان الأمر من صناعة محمد صلى الله عليه وسلم وإنشائه. كما يزعم أولئك الخراصون فما بالك وقد خرست ألسنتهم وخشعت أصوات الأجيال كلها من بعدهم.

ومعلوم أن النابغة الفذ في أي عصر من العصور يستطيع أقرانه بيسر وسهولة أن يحاكوه مجتمعين ومنفردين في الشيء القليل على فرض أنهم لا يستطيعون معارضته في الجميع أو الشيء الكثير.

الجواب الثالث: أن القرآن لو كان مصدره نفس محمد لكان من الفخر له أن ينسبه إلى نفسه. ولأمكن أن يدعي به الألوهية فضلا عن النبوة. ولكان مقدسا في نظر الناس وهو إله أكثر من قداسته في نظرهم وهو نبي

ولما كان في حاجة إذا إلى أن يلتمس هذه القدسية الكاذبة بنسبته القرآن إلى غيره {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} ؟؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>