وإذا استشكل على تكرار النزول بأنه عبث ما دامت الآية قد نزلت قبل ذلك السبب الجديد وحفظها الرسول صلى الله عليه وسلم واستظهرها الحفاظ من الصحابة ويمكن الرجوع إليها من غير حاجة إلى نزولها مرة أخرى.
فالجواب أن هناك حكمة عالية في هذا التكرار وهي تنبيه الله لعباده ولفت نظرهم إلى ما في طي تلك الآيات المكررة من الوصايا النافعة والفوائد الجمة التي هم في أشد الحاجة إليها. فخواتيم سورة النحل التي معنا مثلا نلاحظ أن الحكمة في تكرارها هي تنبيه الله لعباده أن يحرصوا على العمل بما احتوته من الإرشادات السامية في تحري العدالة وضبط النفس عند الغضب ومراقبة الخالق حتى في القصاص من الخلق والتدرع بالصبر والثبات. والاعتماد على الله والثقة بتأييده ونصره لكل من اتقاه وأحسن في عمله جعلنا الله منهم أجمعين آمين.
أضف إلى هذه الحكمة ما ذكره الزركشي آنفا من أن تكرار النزول تعظيم لشأن المكرر وتذكير به خوف نسيانه.