للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن طرد العام على عمومه لا يخل بمطابقته لسببه الخاص؟ لأن هذه المطابقة تحصل بكون اللفظ أعم من سببه كما تحصل بمساواته إياه فإن المقصود من المطابقة أن يكون اللفظ مبينا لحكم السبب وغير قاصر عن الوفاء به وهو إذا جاء أعم يكون قد وفى بالمراد وزاد.

ويمكن أن تسبك من هذا قياسا استثنائيا صيغته هكذا: لو لم تكن العبرة بخصوص السبب لكان اللفظ غير مطابق للسبب. لكن التالي باطل فثبت نقيض المقدم. دليل الملازمة: أن الكلام هنا مفروض في سبب خاص ولفظ عام ولا شك أن العام لا يطابق الخاص. ودليل بطلان التالي: أن عدم المطابقة مناف للحكمة ومخل بالبلاغة.

والجواب: أننا نبطل تلك الملازمة ونمنع دليلها وهو أن العام لا يطابق الخاص. كيف؟ والمطابقة كما تحصل بمساواة اللفظ للسبب عموما وخصوصا تحصل بكون اللفظ أعم من السبب لأن المراد من الجواب أن يتحدث عن السبب ويبين حكمه وذلك حاصل مع كونه أعم منه ولا يتوقف على مساواته إياه.

ملاحظة: يمكنك بعد هذا البيان أن تحول تلك الأقيسة الاستثنائية إلى أقيسة اقترانية ثم تستدل على مقدماتها بسهولة ويسر على نمط ما فعلناه بأدلة الجمهور. فأمامك المجال ولا داعي لإطالة المقال.

كما أرجو أن يعذرني القارئ الكريم إذا شق عليه بعض الشيء أن يهضم تلك الصناعة الفنية في صياغة الأدلة بعض الأحيان فإن للوسط قضاء لا يرد وللصناعة حكما لا ينقض. ومن واجبي أن أشبع حاجة هؤلاء وهؤلاء لذلك تراني طورا هنا وطورا هناك. والله هو الفتاح العليم وهو الموفق والمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>