للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مروا فيه سعوا فيه وما جاء عن ابن مسعود أنه كان يقرأ {لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا} أمهلونا أخرونا.

ويدفع هذا القول بوجوه: أحدها: أن ما ذكر في هذه الأحاديث ليس من قبيل حصر الأحرف السبعة فيها وفي نوعها وحده حتى يصح الاستدلال بها على ما ذهبوا إليه بل هو -كما قال ابن عبد البر- من قبيل ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها وأنها معان متفق مفهومها مختلف مسموعها لا يكون في شيء منها معنى وضده.

وكيف يكون المراد حصر الأحرف السبعة فيما ذكروه؟ على حين أنه يرجع إلى بعض نوع واحد من أنواع الاختلاف وهو إبدال كلمة بأخرى أعم من أن يكون بمرادف أو غير مرادف. ولا ريب أن مذهبهم المذكور يتلخص في أنه إبدال كلمة بأخرى على شروط الترادف. وهذا بعض ذاك. فأين يذهبون بتلك الوجوه الأخرى وهي باقية إلى اليوم في القراءات المتواترة المكتوبة بين دفتي المصحف على ما بيناه في المذهب المختار. فقصر الحروف السبعة على بعض ذلك النوع وحده فيه ما فيه من القصور الذي أوردنا عليه ما أوردنا في الأقوال السابقة القاصرة بل القصور هنا أشد وأفحش لأنه يرجع إلى بعض نوع واحد لا إلى نوع كامل بل له أنواع متعددة.

ثانيها: أن أصحاب هذا المذهب على جلالة قدرهم ونباهة شأنهم قد وضعوا أنفسهم في مأزق ضيق لأن ترويجهم لمذهبهم اضطرهم إلى أن يتورطوا في أمور خطرها عظيم إذ قالوا إن الباقي الآن حرف واحد من السبعة التي نزل عليها القرآن. أما الستة الأخرى فقد ذهبت ولم يعد لها وجود ألبتة. ونسوا أو تناسوا تلك الوجوه المتنوعة القائمة في القرآن على جبهة الدهر إلى اليوم. ثم حاولوا أن يؤيدوا ذلك فلم يستطيعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>