للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أدى وظيفته وبلغ الناس وحفظوا عنه. فهو نسيان لم يخل بالرسالة والتبليغ. قال البدر العيني في باب نسيان القرآن من شرحه لصحيح البخاري ما نصه:

وقال الجمهور: جاز النسيان عليه أي على النبي صلى الله عليه وسلم فيما ليس طريقه البلاغ والتعليم بشرط ألا يقر عليه بل لا بد أن يذكره. وأما غيره فلا يجوز قبل التبليغ وأما نسيان ما بلغه كما في هذا الحديث فهو جائز بلا خلاف اهـ.

هذا. ولقد كنت في الطبعة الأولى تابعت بعض الكاتبين هنا في اتهام هذه الرواية بالدس والوضع ولكن تبين لي بعد إعادة النظر وتنبيه بعض ذوي الفطن أن الخبر صحيح رواه الشيخان ففي صحيح البخاري عن هشام عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد. فقال: "يرحمه الله. لقد أذكرني كذا وكذا آية من سورة كذا". زاد في رواية أخرى وقال: "أسقطتهن من سورة كذا وكذا".

وفي صحيح مسلم عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ من الليل فقال: "يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أسقطتها من سورة كذا وكذا".

وقال النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن ما نصه: وثبت في الصحيحين أيضا عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ فقال: "رحمه الله لقد أذكرني آية كنت أسقطتها". وفي رواية في الصحيح "كنت أنسيتها" اهـ. سبحان ربي {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} .

٢- وأما احتجاجهم الثاني وهو الاسثناء الذي في قوله سبحانه: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} فلا يدل على ما زعموا لأنه استثناء صوري لا حقيقي. والحكمة فيه أن يعلن الله عباده أن عدم نسيانه صلى الله عليه وسلم الذي وعده الله إياه في قوله: {فَلا تَنْسَى} إنما هو محض فضل من الله وإحسان ولو شاء سبحانه أن ينسيه لأنساه. وفي ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>