للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسرت قريش مسلما في غزوة ... فمضى بلا وجل إلى السياف

سألوه هل يرضيك أنك سالم ... ولك النبي فدى من الإتلاف

فأجاب كلا لا سلمت من الردى ... ويصاب أنف محمد برعاف

ولقد كان من مظاهر هذا الحب كما رأيت تسابقهم إلى كتاب الله يأخذونه عنه ويحفظونه منه. ثم إلى سنته الغراء يحيطون بأقوالها وأفعالها وأحوالها وتقريراتها. بل كانوا يتفننون في البحث عن هديه وخبره والوقوف على صفته وشكله كما تجد ذلك واضحا من سؤال الحسن والحسين عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجيبا به من تجلية تلك الصور المحمدية الرائعة ورسمها بريشة المصور الماهر والصناع القادر على يد أبيهما علي بن أبي طالب وخالهما هند بن أبي هالة رضي الله عنهم أجمعين١.

العامل الخامس

بلاغة القرآن الكريم إلى حد فاق كل بيان وأخرس كل لسان وأسكت كل معارض ومكابر وهدم كل مجادل ومهاتر حتى قام ولا يزال يقوم في فم الدنيا معجزة من الله لحبيبه وآية من الحق لتأييد رسوله. وبعد كلام الله في إعجازه وبلاغته كلام محمد صلى الله عليه وسلم في إشراقه وديباجته وبراعته وجزالة ألفاظه وسمو معانيه وهدايته. فقد كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس وأبلغ الناس وكان العرب إلى جانب ذلك مأخوذين بكل فصيح بليغ متنافسين في حفظ أجود المنظوم والمنثور. فمن هنا هبوا هبة واحدة يحفظون القرآن ويفهمون القرآن ويعملون بالقرآن وينامون ويستيقظون على القرآن. وكذلك


١ انظر في ذلك ما يرويه محمد أبو عيسى الترمذي متفرقا في كتاب الشمائل من طريق سفيان بن وكيع, رضي الله عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>