وهو معنى كون السنة قاضية على الكتاب وليس القرآن مبينا للسنة ولا قاضيا عليها لأنها بينة بنفسها إذ لم تصل إلى حد القرآن في الإعجاز والإيجاز لأنها شرح له وشأن الشرح أن يكون أوضح وأبين وأبسط من المشروح اهـ.
ولا ريب أن الصحابة كانوا أعرف الناس بمنزلة الكتاب والسنة فلا غرو أن كانوا أحرص على حذقهما وتحفظهما والعمل بهما.
العامل الثامن
ارتباط كثير من كلام الله ورسوله بوقائع وحوادث وأسئلة من شأنها أن تثير الاهتمام. وتنبه الأذهان وتلفت الأنظار إلى قضاء الله ورسوله فيها وحديثهما عنها وإجابتهما عليها وبذلك يتمكن الوحي الإلهي والكلام النبوي في النفوس فضل تمكن وينتقش في الأذهان على مر الزمان.
تجول مرة في رياض القرآن الكريم تجده يساير الحوادث والطوارئ في تجددها ووقوعها فتارة يجيب السائلين على أسئلتهم بمثل قوله تعالى:{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} وتارة يفصل في مشكلة قامت ويقضي على فتنة طغت بمثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} إلى قوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} وهن ست عشرة آية من سورة النور نزلن في حادث من أروع الحوادث هو اتهام أم المؤمنين السيدة الجليلة عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبنت الصديق أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها. وفي هذه الآيات دروس اجتماعية قرئت ولا تزال تقرأ على الناس إلى يوم الساعة ولا تزال تسجل براءة هذه الحصان الطاهرة من فوق سبع سموات. وتارة يلفت القرآن أنظار المسلمين إلى تصحيح