لما نزل عليه قوله تعالى:{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} قال ابن أم مكتوم وعبد الله بن جحش: يا رسول الله إنا أعميان فهل لنا رخصة؟ فأنزل الله {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ائتوني بالكتف والدواة" وأمر زيدا أن يكتبها. فكتبها فقال زيد كأني أنظر إلى موضعها عند صدع الكتف. ورواية البخاري اقتصرت هنا على عبد الله بن أم مكتوم وليس فيها ابن جحش.
ولعلك لم تنس حديث ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب فقال: "ضعوا هذه في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا". وقوله صلى الله عليه وسلم:"من كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه" وقول أبي بكر لزيد بن ثابت: إنك رجل شاب لا نتهمك. وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أضف إلى ذلك أن الصحابة كانوا يكتبون القرآن فيما يتيسر لهم حتى في العظام والرقاع وجريد النخل ورقيق الحجارة ونحو ذلك مما يدل على عظيم بلائهم في هذا الأمر الجلل رضي الله عنهم أجمعين.