كالمدغم والمسهل والممال والمرقق والمدور فإن المصاحف العثمانية هكذا كلها لتجردها عن أوصافها.
فقول الناظم: وكان للرسم احتمالا دخل فيه ما وافق الرسم تحقيقا بطريق الأولى وسواء وافق كل المصاحف أو بعضها كقراءة ابن عامر {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً}{وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ} فإنه ثابت بالشامي وكابن كثير في {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} بالتوبة فإنه ثابت في الكوفي إلى غير ذلك.
وقوله احتمالا يحتمل أن يكون جعله مقابلا للتحقيقي. فتكون القسمة عنده ثنائية وهو التحقيقي والاحتمالي ويكون قد أدخل التقديري في الاحتمالي وهو الذي فعله في نشره. ويحتمل أن يكون ثلث القسمة ويكون حكم الأولين ثابتا بالأولوية. ولولا تقدير موافقة الرسم للزم الكل مخالفة الكل في نحو {السَّمَاوَاتِ والصَّالِحَاتِ واللَّيْلِ} .
ثم إن بعض الألفاظ يقع فيه موافقة إحدى القراءتين أو القراءات تحقيقا والأخرى تقديرا نحو ملك وبعضها يقع فيه موافقة القراءتين أو القراءات تحقيقا نحو أنصارا لله {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ, ويَغْفِرْ لَكُمْ, وهَيْتَ لَكَ} .
واعلم أن مخالف صريح الرسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة. ألا ترى أنهم يعدون إثبات ياءات الزوائد وحذف ياء {تَسْأَلْنِي} بالكهف وقراءة وأكون من الصالحين ونحو ذلك من مخالف الرسم غير مردود لرجوعه لمعنى واحد وتمشيه مع صحة القراءة وشهرتها. بخلاف زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتى ولو كانت حرف معنى فإن له حكم الكلمة ولا نسوغ مخالفة الرسم فيه. وهذا هو الحد الفاصل في حقيقة اتباع الرسم ومخالفته اهـ.