يخلص لنا من هذا البحث بعد تحقيق وجوه الخلاف فيه أمور مهمة يجدر بنا أن نوليها الالتفات والانتباه الخاص:
أولها - أن القراءة لا تكون قرآنا إلا إن كانت متواترة لأن التواتر شرط في القرآنية.
ثانيها - أن القراءات العشر الذائعة في هذه العصور متواترة على التحقيق الآنف. وإذن هي قرآن. وكل واحدة منها يطلق عليها أنها قرآن.
ثالثها - أن ما وراء القراءات العشر مما صحت روايته آحادا ولم يستفض ولم تتلقه الأمة بالقبول شاذ وليس بقرآن وإن وافق رسم المصحف وقواعد العربية.
رابعها - أن ركن صحة الإسناد المذكور في ضابط القرآن المشهور لا يراد بالصحة فيه مطلق صحة بل المراد صحة ممتازة تصل بالقراءة إلى حد الاستفاضة والشهرة وتلقي الأمة لها بالقبول حتى يكون هذا الركن بقرينة الركنين الآخرين في قوة التواتر الذي لا بد منه في تحقق القرآنية. كما فصلنا ذلك من قبل.
خامسها - أن القراءة قد تكون متواترة عند قوم غير متواترة عند آخرين. والمأمور به ألا يقرأ المسلم إلا بما تواتر عنده ولا يكتفي بما روي له آحادا وإن كان متواترا عند الراوي له كما رد الشافعي رواية مالك مع صحتها لمخالفتها ما تواتر عنده. ولا تنس ما قاله ابن الجزري في ذلك آنفا.
سادسها - أن هذا الذي روي من طريق الآحاد المحضة ولم يصل إلى حد الاستفادة والشهرة هو أصل الداء ومثار كثير من الشبهات والخلاف. أما الشبهات فقد مر عليك منها نماذج وأما الخلافات فقد شاهدت منها في هذا البحث ما شاهدت وستشاهد ما تشاهد وإني أسترعي نظرك إلى أمرين: