ولعل الذين أطلقوا القول في رد المأثور إنما أرادوا المبالغة كما علمت في توجيه كلمة الإمام أحمد بن حنبل وعذرهم أن الصحيح منه قليل نادر ونزر يسير حتى لقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث أي مع كثرة ما روي عنه وقد أشار ابن خلدون إلى أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية وإذا تشوفوا إلى معرفة شيء مما تتشوف إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدون منهم إلى أن قال وهؤلاء مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام فامتلأت التفاسير من المنقولات عنهم وتلقيت بالقبول لما كان لهم من المكانة السامية ولكن الراسخين في العلم قد تحروا الصحة وزيفوا ما لم تتوافر أدلة صحته اهـ بتصرف.
ملحوظة:
إياك أن تفهم هنا من عبارة ابن خلدون أو ابن تيمية أو غيرهما ما يجعلك تخوض مع الخائضين في هؤلاء الأعلام الثلاثة عبد الله بن سلام ووهب بن منبه وكعب الأحبار فقد ضل بعض الأدباء والمؤرخين من كبار الكتاب في هذا العصر حين زعموا ذلك حتى لقد سلكوا عبد الله بن سلام الصحابي الجليل في سلك واحد مع عبد الله بن سبأ اليهودي الخبيث الذي تظاهر بالإسلام ثم كاد له شر الكيد فتشيع لعلي وزعم أن الله حل فيه وطعن على عثمان وأظهر الرفض عند حكم الحكمين بصفين ودعا الناس إلى ضلاله الأثيم حتى نفي مرارا.
والحقيقة أن ثلاثتنا هؤلاء عدول ثقات:
أما ابن سلام فحسبك أنه صحابي من خيرة الصحابة ومن المبشرين بالجنة يروي الترمذي عن معاذ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه