للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لا يعلم مراد الله ونبيه إلا الله ونبيه على هذا المنوال يكون نسجه فيبوء من الله برضوان حيث أسس عقائده على السديد من البراهين واستقبل الأخبار الإلهية بالقبول والتسليم وتناولها بقلب سليم.

وإن أراد التأويل لغرض كدفع معاند أو إقناع جاحد فلا بأس عليه إذا سلم برهانه من التقليد والتشويش وهذا هو دأب مشايخنا كالشيخ الأشعري والشيخ أبي منصور ومن مائلهم لا يأخذون قولا حتى يسددوه ببراهينهم القوية على حسب طاقتهم وهذا ما يعني باسم السني والصوفي والحكيم وكل متحزب مجادل فإنما يبغي العنت وتشتيت الكلمة فهو في النار وكل مقصر فعليه العار والشنار فاسلك سبيل السلف واحذر فقد خلف من بعدهم خلف.

ولا بد في كمال النجاة ونيل العادة الأبدية من أن ينضم إلى ذلك التخلي عن الرذائل والتحلي بالأخلاق الكاملة والأعمال الفاضلة ومن تلك الأخلاق والأعمال تكميل قوة النظر وارتكاب طريق العدل في كل شيء إذ لا ريب أن كل من خالف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الهمة والسداد والعدل والأنصاف وسلوك طريق الاستقامة في جميع الأخلاق والأعمال ونور البصيرة فيما يأخذ ويعطي فهو في النار ومن كان على ما كانوا عليه فهو في أعلى غرف الجنان.

وسالك هذا الطريق إما أن يكون سلوكه من قبل الالتفات إلى ما جاء في الكتاب والسنة وكلام أولي الفضل من الراشدين قديما وحديثا فذلك هو الحكيم العلي والمؤمن المتوسط وإما أن يكون مع ذلك قد سلك بنفسه مدارج الأنوار ووقف على ما في ذلك من دقائق الأسرار حتى جلس في حياته هذه في مقعد صدق عند مليك مقتدر فهو الصوفي وهو صاحب المقصد الأسنى والمطلوب الأعلى وفي هذا مراتب لا تحصى ومراق لا تستقصى وهذا وما قبله يشملها اسم المؤمن الصادق.

<<  <  ج: ص:  >  >>