معارف دينية وكلها من كلام البشر لا من كلام الله المعجز وقد جوزتم ترجمة تعاليم الإسلام وهداياته فلتجوزوا ترجمة التفسير بلغة أجنبية أيضا لأن ما جاز على أحد المثلين يجوز على الآخر قطعا.
ثم إن الرسائل المتحدثة عن الإسلام وتعاليمه بلغات أجنبية قد تكون ضرورية لابد منها في بعض الظروف والمناسبات ولكنها لا تغني عن هذا التفسير الذي نحن بصدده الآن للفوائد التي شرحناها قريبا فيه فوجوده شاهد من مشاهد الحق على بطلان ما جاء في تلك الترجمات الخاطئة ييسر على المنصفين وطلاب الحقائق أن يحاكموا تلك الترجمات إلى ما جاء في هذا التفسير خصوصا إذا صدر من هيئة إسلامية موثوق بها وعرض عند كل مناسبة كما قلنا لنقض الشبهات التي ضلت فيها الترجمات الزائغة.
يضاف إلى هذا أن المسلم الأعجمي يستعين بهذا التفسير على تدبر كتاب الله وتفهمه لأية آية من أية سورة يريد والرسائل المقترحة لا يمكن أن تفي بذلك كله.
وإن أبيت إلا مثلا مما قرره علماؤنا في ذلك فاستمع إلى جار الله الزمخشري عند تفسيره لقوله سبحانه:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} إذ يقول ما نصه فإن قلت لم يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العرب وحدهم وإنما بعث إلى الناس جميعا قل يا أيها الناس إني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم جميعا بل إلى الثقلين وهم على ألسنة مختلفة فإن لم تكن للعرب حجة فلغيرهم الحجة قلت لا يخلو إما أن ينزل بجميع الألسنة أو بواحد منها فلا حاجة إلى نزوله بجميع الألسنة لأن الترجمة تنوب عن ذلك وتكفي التطويل فبقي أن ينزل بلسان واحد فكان أولى الألسنة لسان قوم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم اقرب إليه وإذا فهموا عنه وبينوه وتنوقل عنهم وانتشر قامت التراجم كذا ببيانه وتفهيمه كما ترى الحال وتشاهدها من نيابة التراجم في كل أمة من أمم العجم مع ما في ذلك من اتفاق أهل البلاد المتباعدة والأقطار المتنازحة والأمم المختلفة والأجيال المتفاوتة على كتاب واحد