ونحن نقول إن كلام الشاطبي صريح في أن الممكن هو نقل المعاني الأصلية للقرآن دون التابعة وعلى هذا بإطلاقه لفظ ترجمة القرآن على ما أدى تلك المعاني الأصلية وحدها إطلاق لغوي محض لا نخالف فيه بل ندعو إليه ونشجع عليه مع التحفظات التي بسطناها فيما سلف.
أما الترجمة العرفية وفيها يساق الحديث فإن الشاطبي لا يريدها قطعا ولا يذهب إلى القول بها لا في القرآن ولا في غير القرآن من النصوص الأدبية ولنا على ذلك أدلة خمسة نسوقها إليك.
أولها أنه قال في لغة الواثق تلك الكلمة الصريحة إذا ثبت فلا يمكن من اعتبر هذا الوجه الأخير أن يترجم كلاما من الكلام العربي بكلام العجم فضلا عن أن يترجم القرآن وينقل إلى لسان غير عربي.
ثانيها انه نقل في كلمته المذكورة عن ابن قتيبة أنه نفى إمكان الترجمة في القرآن على هذا الوجه الثاني ثم أقره على هذا النفي بهذا التوجيه.
ثالثها أنه مالكي المذهب والمالكية من أشد الناس تحرجا من الترجمة على ما علمت من نصوصهم السابقة.
رابعها أنه تردد أثناء بحثه في الترجمة ترددا يدل على أنه لم يقطع برأي يخالف مذهبه إنما هو مجرد بحث فحسب أما الحكم فمسلم على حد قولهم البحث وارد والحكم مسلم والدليل على تردده ما جاء في الجزء الثاني من كتابه الموافقات إذ يقول إذا ثبت أن للكلام من حيث دلالته على المعنى جهتين كان من الواجب أن ينظر في الوجه الذي تستفاد منه الأحكام هل يختص بجهة المعنى الأصلي أو يعم الجهتين أما استفادتها من الجهة الأولى فلا خلاف فيه وأما استفادتها من الجهة الثانية فهو محل تردد ولكل واحد من الطرفين وجهة من النظر ثم قال قد تبين تعارض الأدلة في المسألة وظهر