قالوا إن هذه العبارة بعمومها تتناول القرآن والسنة لأنهما أساس الشرع فترجمتهما إذن جائزة والكتاب كالسنة في هذا الجواز.
ونحن نقول إن عبارة الغزالي هذه تأبى هذا الاستنتاج من وجوه أولها ما حكاه من الإجماع في هذا المقام ومعلوم أن الإجماع لم ينعقد أبدا على جواز ترجمة القرآن بل كاد ينعقد على عدم الجواز كما مر بك قريبا.
ثانيها أن سفراء الرسول صلى الله عليه وسلم وهم الذين ساقهم الغزالي هنا مساق الاستدلال لم يترجموا القرآن للأعاجم ولو ترجموه لنقل تواترا لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله وتواتره إنما كانوا يترجمون تعاليم الإسلام وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر الغزالي نفسه.
ثالثها أن الغزالي في عبارته المسطورة قد صرح بأن ما تعبدنا الله فيه باللفظ لا تجوز روايته بالمعنى وعلى هذا لا يجوز أن يترجم بالأولى ولا ريب أن القرآن الكريم متعبد بلفظه إجماعا فلا يجوز أن يروى بالمعنى ولا أن يترجم أبدا.
أن عبارة الغزالي في كتابه الوجيز "ص ٢٦ ٢٧" موافقة بالنص لما جاء في كتب الشافعية إذ يقول لا تقوم ترجمة الفاتحة مقامها ولا تجزئ الترجمة للعاجز عن العربية وعبارته في كتابه إلجام العوامو "ص ١٤ – ١٩" يذهب فيها مذهب المتشددين فيقول بوجوب إبقاء أسماء الله وصفاته والمتشابه من الحديث على ما هي عليه وعدم النطق بها وبألفاظ القرآن بغير العربية.