سواء أكانت السنة قولية أم فعلية أو وصفية أم تقريرية وسواء منها ما كان نبويا وما كان قدسيا لأنها كلها وحي بالفعل أو بالقوة والرسول صلى الله عليه وسلم أقامه الله في محراب الإمامة لخلقه وجعله الأسوة الحسنة لعباده وأمر الجميع باتباعه فهو إذن لا يمكن أن يصدر فيما يشرع لأمته ابتداء أو نسخا إلا عن إيحاء الله إليه تصريحا أو تقريرا.
ومثال نسخ السنة بالسنة نسخ الوضوء مما مست النار بأكله صلى الله عليه وسلم من الشاة ولم يتوضأ.
رابعتها أن الإضافة في كلمة رفع الحكم الشرعي الواردة في تعريف النسخ من قبيل إضافة المصدر لمفعوله والفاعل مضمر وهو الله تعالى وذلك يرشد إلى أن الناسخ في الحقيقة هو الله كما يدل عليه قوله سبحانه:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} ويرشد أيضا إلى أن المنسوخ في الحقيقة هو الحكم المرتفع وقد يطلق الناسخ على الحكم الرافع فيقال وجوب صوم رمضان نسخ وجوب صوم عاشوراء وقد يطلق النسخ على دليله كذلك فيقال آية المواريث نسخت آية الوصية للوالدين والأقربين ويقال خبر أكل الرسول صلى الله عليه وسلم من الشاة ولم يتوضأ ناسخ لخبر وضوئه مما مست النار وهلم والخطب في ذلك جد يسير.