أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالإفك. وفيها دروس اجتماعية لا تزال تقرأ على الناس كما لا تزال تسجل براءة الحصان الطاهرة من فوق سبع سموات.
ومن الأمثلة قوله تعالى في مفتتح سورة المجادلة:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} إلى قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . وهن ثلاث آيات نزلن عندما رفعت خولة بنت ثعلبة شكواها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن زوجها أوس بن الصامت ظاهر منها وجادلت الرسول بأن معها صبية صغارا إن ضمتهم إلى زوجها ضاعوا وإن ضمتهم إليها جاعوا.
ثالثها: لفت أنظار المسلمين إلى تصحيح أغلاطهم التي يخطئون فيها وإرشادهم إلى شاكلة الصواب في الوقت نفسه. ولا ريب أن تلك الأغلاط كانت في أزمان متفرقة فمن الحكمة أن يكون القرآن النازل في إصلاحها متكافئا معها في زمانها. اقرأ إن شئت قوله سبحانه في سورة آل عمران:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} إلى آيات كثيرة بعدها وكلها نزلت في غزوة أحد إرشادا للمسلمين إلى مواضع أخطائهم في هذا الموقف الرهيب والمأزق العصيب. وكذلك اقرأ قوله سبحانه في سورة التوبة:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ. ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ. ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وهي آيات تردع المؤمنين عن رذيلة الإعجاب والاغترار في يوم من أيام الله وتلفت نظرهم إلى مقدار تدارك الله لهم في شدتهم والى وجوب أن يثوبوا إلى رشدهم ويتوبوا إلى ربهم.