للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمات الربوبية ونقرأ دليلا ساطعا على مصدر القرآن وأنه كلام الواحد الديان {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} .

وإلا فحدثني بربك كيف تستطيع أنت؟ أم كيف يستطيع الخلق جميعا أن يأتوا بكتاب محكم الاتصال والترابط متين النسج والسرد متآلف البدايات والنهايات مع خضوعه في التأليف لعوامل خارجة عن مقدور البشر وهي وقائع الزمن وأحداثه التي يجيء كل جزء من أجزاء هذا الكتاب تبعا لها ومتحدثا عنها: سببا بعد سبب وداعية إثر داعية مع اختلاف ما بين هذه الدواعي وتغاير ما بين تلك الأسباب ومع تراخي زمان هذا التأليف وتطاول آماد هذه النجوم إلى أكثر من عشرين عاما.

لا ريب أن هذا الانفصال الزماني وذاك الاختلاف الملحوظ بين هاتيك الدواعي يستلزمان في مجرى العادة التفكك والانحلال ولا يدعان مجالا للارتباط والاتصال بين نجوم هذا الكلام.

أما القرآن الكريم فقد خرق العادة في هذه الناحية أيضا نزل مفرقا منجما ولكنه تم مترابطا محكما. وتفرقت نجومه تفرق الأسباب ولكن اجتمع نظمه اجتماع شمل الأحباب. ولم يتكامل نزوله إلا بعد عشرين عاما ولكن تكامل انسجامه بداية وختاما.

أليس ذلك برهانا ساطعا على أنه كلام خالق القوى والقدر ومالك الأسباب والمسببات ومدبر الخلق والكائنات وقيوم الأرض والسموات العليم بما كان وما سيكون الخبير بالزمان وما يحدث فيه من شؤون؟؟.

لاحظ فوق ما أسلفنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه آية أو آيات قال: "ضعوها في مكان كذا من سورة كذا". وهو بشر لا يدري طبعا ما ستجيء به الأيام ولا يعلم ما سيكون في مستقبل الزمان ولا يدرك ما سيحدث

<<  <  ج: ص:  >  >>