١ - قالوا إن قوله سبحانه وتعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} يفيد أن السنة ليست إلا بيانا للقرآن فإذا نسخها القرآن خرجت عن كونها بيانا له.
وننقض هذا بأن الآية ليس فيها طريق من طرق الحصر وعلى فرض وجود الحصر فالمراد بالبيان في الآية التبليغ لا الشرح ولا ريب أن التبليغ إظهار وعلى فرض أن الآية حاصرة للسنة في البيان بمعنى الشرح لا التبليغ فبيانها بعد النسخ باق في الجملة وذلك بالنسبة لما لم ينسخ منها وأنت تعلم أن بقاء الحكم الشرعي مشروط بعدم ورود ناسخ فتدبر ولاحظ التفصيل الذي ذكرناه هناك في نقض الدليل لمانعي نسخ القرآن بالسنة فإنه يفيدك هنا.
٢ - قال المانعون أيضا إن نسخ السنة بالقرآن يلبس على الناس دينهم ويزعزع ثقتهم بالسنة ويوقع في روعهم أنها غير مرضية لله وذلك يفوت مقصود الشارع من وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته واقتداء الخلق به في أقواله وأفعاله ولا ريب أن هذا باطل فما استلزمه وهو نسخ السنة بالقرآن باطل.
وننقض هذا الاستدلال أولا بأن مثله يمكن أن يقال في أي نوع آخر من أنواع النسخ التي تقولون بها فما يكون جوابا لكم يكون مثله جوابا لنا.
ثانيا أن ما ذكروه من استلزام نسخ السنة بالقرآن لهذه الأمور الباطلة غير صحيح لأن أدلة القرآن متوافرة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وذلك يمنع لزوم هذه المحاولات الفاسدة ويجعل نسخ السنة بالقرآن كنسخ السنة بالسنة والقرآن بالقرآن في نظر أي منصف كان.