للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنسوبة لعباده على سبيل التقريب لأفهامهم والتأنيس لقلوبهم ولقد نبه في كتابه تعالى على القسمين وأنه منزه عن الجوارح في الحالين فنبه على الأول بقوله: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} فهذا يفيد أن كل ما يظهر على أيدي العباد فهو منسوب إليه تعالى ونبه على الثاني بقوله فيما أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها" وقد حقق الله ذلك لنبيه بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} وبقوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} وبهذا يفهم ما جاء من الجوارح منسوبا إليه تعالى فلا يفهم من نسبتها إليه تشبيه ولا تجسيم ولكن الغرض من ذلك التقريب للأفهام والتأنيس للقلوب والواجب سلوكه إنما هو رد المتشابه إلى المحكم على القواعد اللغوية وعلى مواضعات العرب وعلى ما كان يفهمه الصحابة والتابعون من الكتاب والسنة اهـ ما أردنا نقله.

الشبهة الرابعة ودفعها:

نقل السيوطي أيضا عن الإمام فخر الدين الرازي أنه قال من الملحدة من طعن في القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات وقال إنكم تقولون إن تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة ثم إنا نراه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب على مذهبه فالجبري متمسك بآيات الجبر كقوله تعالى: َ {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً} والقدري يقول هذا مذهب الكفار بدليل أنه تعالى حكى عنهم ذلك في معرض الذم في قوله: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ} وفي موضع آخر {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} ومنكر الرؤية متمسك بقوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} ١ ومثبت الجهة متمسك بقوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} {الرَّحْمَنُ


١ يظهر أن هنا سقط لعله هكذا: ومثبن الرؤية متمسك بقوله تالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>