وإذن فمن لم يصرف لفظ المتشابه عن ظاهره الموهم للتشبيه أو المحال فقد ضل كالظاهرية والمشبهة ومن فسر لفظ المتشابه تفسيرا بعيدا عن الحجة والبرهان قائما على الزيغ والبهتان فقد ضل أيضا كالباطنية والإسماعيلية وكل هؤلاء يقال فيهم إنهم متبعون للمتشابه ابتغاء الفتنة أما من يؤول المتشابه أي يصرفه عن ظاهره بالحجة القاطعة لا طلبا للفتنة ولكن منعا لها وتثبيتا للناس على المعروف من دينهم وردا لهم إلى محكمات الكتاب القائمة وأعلامه الواضحة فأولئك هم الهادون المهديون حقا وعلى ذلك درج سلف الأمة وخلفها وأئمتها وعلماؤها روي عن البخاري عن سعيد بن جبير أن رجلا قال لابن عباس إنني أجد في القرآن أشياء تختلف علي قال ما هو قال:{فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} وقال: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} وقال: {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} وقال: {قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} قال ابن عباس {فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} في النفخة الأولى {وَلا يَتَسَاءَلُونَ} ثم في النفخة الثانية {أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} فأما قوله: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم فيقول المشركون تعالوا نقول ما كنا مشركين فيختم الله على أفواههم فتنطق جوارحهم بأعمالهم فعند ذلك {لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} إلى آخر الحديث نسأل الله أن يسلمنا وأن يهدينا سواء الصراط وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آهل وصحبه وسلم آمين.