للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} فأنت ترى في هذه الآية الكريمة أن المشرك مع معبوديه مثله مثل عبد اشترك فيه شركاء متنازعون مختلفون كل واحد منهم يدعي أيهم عبده فهم يتجاذبونه ويتعاورونه في أعمال شتى وهو متحير متعب مجهود لا يدري أيهم يرضى بخدمته وعلى أيهم يعتمد في حاجاته؟ ولا يدري ممن يطلب رزقه وممن يلتمس رفقه فهمه شعاع وقلبه أوزاع أما المؤمن فمثله مثل عبد له سيد واحد فهمه وقلبه مجتمع وضميره مستريح وعمله مريح {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار} !.

وإن أردت مثالا ثانيا فاستمع إلى القرآن وهو يقول في فريضة الصلاة: {إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ} وقوله: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} .

وإن أردت أمثلة أخرى فاقرأ قول سبحانه في فرض الزكاة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} وفي فرض الصيام كتب عليكم الصيام: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وفي فرض الحج: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} إلخ وفي عموم الإيمان والعمل الصالح: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .

سابعها ترتيبه الأوامر والنواهي ترتيبا يسع جميع الناس على تفاوت استعدادهم ومواهبهم فالأوامر الدينية درجات هذا إيمان وهذا إسلام وهذا ركن وهذا فرض وهذا واجب وهذا مندوب مؤكد وهذا مندوب غير مؤكد والمناهي كذلك درجات هذا نفاق وهذا شرك وهذا كفر وهذه كبيرة وهذه صغيرة وهذا مكروه تحريما وهذا مكروه تنزيها وما وراء هذه الأوامر والنواهي فمباحات لكل أن يأخذ وأن يدع منها ما شاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>