للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقه ورسوله إلى عباده وقال: إن آية صدقي فيما أدعيه أن يغير الله الذي أرسلني عادة من عاداته على يدي وأن يخرج الآن عن سنة من سننه العامة في وجوده ثم قال: وسيأتيكم الله بهذا الأمر العجاب من باب ترون أنكم فيه نابغون وعليه قادرون وإني أتحداكم زرافات ووحدانا أن تأتوا بمثل هذه الآية وأمامكم الباب مفتوحا كما تعتقدون وفيكم النبوغ موفور كما تدعون ثم أنتم مجتمعون وأنا وحدي. قال ذلك بلغة الواثق وتحدانا هذا التحدي الظاهر في وقت يثور فيه على عقائدنا وعاداتنا وأخلاقنا ويسفه فيه أحلامنا وأحلام أمثالنا من آبائنا ونحن أحرص ما نكون على تعجيزه وتبهيته والغلبة عليه والظفر به دفاعا عن كرامتنا, وانتصارا لأعز شيء لدينا.

ثم لم يلبث أن قام وقمنا وأجمع أمره وأجمعنا وإذا نحن جميعا بعد محاولات ومصاولات لم نستطع أن نأتي بمثل ما أتى به فضلا عن أعظم منه. مع أننا أمة وهو فرد. ومع أنه قد دخل علينا من أيسر الطرق في نظرنا ومن أشهر فن في زماننا ومع أنه قد أعطانا الفرصة الكافية لمناظرته وأنصفنا كل إنصاف من نفسه.

هل يشك ذو مسكة من عقل في أن هذا الإنسان المتفوق الممتاز صادق في رسالته محق في دعايته خصوصا إذا عرفنا فوق ذلك كله أنه نشأ فينا على الصدق والأمانة ومكارم الأخلاق من لدن صباه وطفولته إلى يوم مبعثه ورسالته.

لو أنه جاء بالمعجزة من باب لا نعرفه لقلنا رجل حذق فنا من الفنون التي لا علم لنا بها أو تعلم صناعة من الصناعات التي لم نحط بخبرها. أما وقد جاءنا من الناحية التي نشهد لأنفسنا فيها بالفوق والسبق فلا يسعنا إلا الإذعان له والإيمان بما جاء به ما دمنا منصفين.

ولنضرب لك مثلا: جاء موسى عليه السلام بمعجزته عصا من الخشب لا روح

<<  <  ج: ص:  >  >>