للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمعزل عن مسألة اهتداء المسلم بما صح عنده من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، فتلك الأقوال هي ينابيع الحِكم ومصابيح الظُلَم وجوامع الكلم، ومفخر للأمة على جميع الأمم، بل إن في الأحاديث التي لم تصح أسانيدها من البدائع والحِكم والروائع، والكلم الجوامع ما تتقاصر عنه أعناق العلماء ... " ١.

فهذه "الأحاديث القولية" صالحة ـ عند الشيخ رشيد ـ للاهتداء لا للاحتجاج، وللاستشهاد بها مثلاً على قواعد النحو لا في مسائل الدين والفقه.

والدليل الذي ساقه الشيخ رشيد على ذلك هو أن الصحابة لم يكتبوا هذه الأحاديث كما كتبوا القرآن بل رغبوا عن ذلك ونهوا عنه، فيقول: " وإذا أضفت إلى هذا ما ورد في عدم رغبة كبار الصحابة في التحديث بل في رغبتهم عنه بل في نهيهم عنه قوِي عندك ترجيح كونهم لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث ديناً عاماً كالقرآن. ولو كانوا فهموا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد ذلك لكتبوا ولأمروا بالكتابة ولجمع الراشدون ما كُتب وضبطوا ما وثقوا به وأرسلوه إلى عمالهم ليبلغوه ويعملوا به ولم يكتفوا بالقرآن والسنة المتبعة المعروفة للجمهور بجريان العمل بها ... " ٢.

فقد بنى موقفه هذا على مسألة "كتابة الأحاديث" لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد كتابتها ولم يأمر بها، وكذا الصحابة لم يكتبوها وكانوا ينهون عن كتابتها.

وقد رد الشيخ رشيد كثيراً من الأحاديث الصحيحة بل والمتواترة لكونها قولية، ومنها:

أحاديث نسخ التلاوة كما سبق، " ولو في الصحيحين" ٣.

وحديث سجود الشمس تحت العرش ٤.


١ المصدر السابق (١٠/٨٥٤) .
٢ مجلة المنار (١٠/٧٦٨) وقلده أبو رية: أضواء (ص:٢٣، ٤٦، ٥١، ٧٧ـ٨٦) .
٣ وقد سبق الكلام على تخريجها والجواب على الشيخ رشيد في شأنها (ص:١٠٠) .
٤ رواه البخاري: الصحيح، ك. بدء الخلق: ب: صفة الشمس والقمر، ح: ٣١٩٩ (٦/٣٤٢ مع الفتح) وانظر مجلة المنار (١٩/ ٦٢٣ و٣٢/ ٧٧٢) وتفسير المنار (٨/ ٢١١) بالحاشية.

<<  <   >  >>