للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسبب الثالث الذي جعل الشيخ رشيد يتخذ هذا الموقف هو رواية الصحابة الإسرائيليات عن مسلمة أهل الكتاب. وفي هذا السبيل فقد طعن الشيخ رشيد في مسلمة أهل الكتاب بدءاً من الصحابة كتميم الداري ومروراً بالتابعين ككعب الأحبار ووهب بن منبه، بل وتعدى طعنه حتى فيمن أجمع الناس على عدالتهم وقيل في أسانيدهم أنها أصح الأسانيد ١.

لقد روى النبي صلى الله عليه وسلم عن تميم الداري حديث الجساسة، ولكن الشيخ رشيد لم يسلم ذلك بل زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس معصوماً من تصديق المنافقين والكاذبين ٢.

إنني بحاجة ماسة إذاً إلى أن أجيب عن هذه الأصول الثلاثة التي اعتمد عليها الشيخ رشيد في موقفه هذا، وهي: كتابة الحديث، والرواية بالمعنى، ورواية الإسرائيليات. أما الأحاديث التي ردها فسيأتي الكلام على بعضها في مواضع متعددة في هذا البحث، إن شاء الله تعالى.

أولاً: كتابة الحديث:

اعتمد الشيخ رشيد في رده "للسنة القولية" أو "الأحاديث" على عدم الوثوق بها، لأنها كتبت في وقت متأخر، ولم تكتب في العهد النبوي ولم يكتبها الصحابة، مما يدل أيضاً على أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يريدوا أن تكون هذه الأحاديث "ديناً عاماً" كالقرآن إذ أنهم لو فهموا رغبة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: "لأمروا بالكتابة ولجمع الراشدون ما كُتب وضبطوا ما وثَقُوا به وأرسلوه إلى عمالهم ليبلغوه ويعملوا به، ولم يكتفوا بالقرآن والسنة المتبعة المعروفة للجمهور بجريان العمل بها ... " ٣. ويرى الشيخ رشيد أن السنة التي يجب أن تكون أصلاً للقدوة هي ما كان عليه النبي وخاصة أصحابه


١ انظر: تفسير المنار (٩/٤٩٥ ـ٤٩٦) ، والمجلة (٢٧/ ٥٤١ و٧٥٢ و٦٩٧ و٧٨٣ و٥٣٩ و٦١٨) وقلده أبو رية فنقل نصوصاً عنه كاملة، انظر: أضواء (ص: ١٤٦ ـ ١٤٩ و١٥٠ ـ ١٥١ و١٥٧ و١٦٤ و١٧٤ ـ١٧٦ و١٨١ و٢٩١) ، وستأتي تراجم هؤلاء.
٢ وقلده أبو رية، انظر: أضواء (ص:٤٢ ـ٤٣) ، وانظر: تفسير المنار (٩/٤٩٥ـ ٤٩٦)
٣ مجلة المنار (١٠/ ٧٦٨) ، وقارن مع أبي رية: (ص:٥١) فقد نقل نص كلامه هناك.

<<  <   >  >>