للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن على إيمان خاص جُعل هو المنجي عند الله تعالى، وإسلام خاص هو دينه المقبول عنده. أما الأول فهو التصديق اليقيني بوحدانية الله وكماله وبالوحي والرسل وباليوم الآخر بحيث يكون له السلطان على الإرادة والوجدان فيترتب عليه العمل الصالح. ولذلك قال بعد نفي دخول الإيمان في قلوب أولئك الأعراب: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ١، وأما الثاني فهو الإخلاص له تعالى في التوحيد والعبادة والانقياد.." ٢.وبعد هذا التمهيد يصل إلى الرأي الذي يجمع به بين نصوص الكتاب فيقول: "فالإيمان والإسلام على هذا يتواردان على حقيقة واحدة يتناولها كل واحد منهما باعتبار، ولذلك عدا شيئاً واحداً في الآيات التي ذكرت ٣ آنفاً وفي قوله تعالى بعد ما ذكر عن إيمان الأعراب وإسلامهم في (٤٩/١٥) ٤ ثم بيان حقيقة الإيمان الصادق: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٥ فهذا هو الإيمان الصادق والإسلام الصحيح وهما المطلوبان لأجل السعادة.." ٦.

إذن فالإيمان والإسلام ـ عند رشيد رضا ـ وإن كانا متباينين في التعريف اللغوي، وكذلك المعنى الشرعي إلا أنهما يتواردان على معنى واحد هو الإيمان الصادق والإسلام الصحيح المقبول عند الله تعالى، لأنه ـ عند الله تعالى ـ لا يكون إيمان بلا إسلام ولا إسلام بلا إيمان ـ ٧. ولذلك


١ سورة الحجرات، الآية (١٥)
٢ تفسير المنار (٣/ ٣٦٠)
٣ يريد قوله تعالى: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ ... } وبقوله بعدها: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} آل عمران (٧٨ ـ٧٩) ، وآيات الحجرات كذلك. انظر: تفسير المنار (٣/ ٣٥٦)
٤ سورة الحجرات، الآية (١٤ و١٥)
٥ سورة الحجرات، الآية (١٦)
٦ تفسير المنار (٣/ ٣٦٠)
٧ انظر: ابن تيمية: الإيمان (ص: ١٧٧ وص: ٢٢٥) ، وخليل هراس: شرح الواسطية (ص: ٢٣٦) ط. دار الهجرة، الثالثة ١٤١٥هـ.

<<  <   >  >>