للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا الزنا حرام. وفي هذا الظن من التناقض والتهافت ما هو صريح، فإن فرض المسألة: أن الذي يستحل مخالفة ما يعلم أنه من الدين علماً ضرورياً غير قابل للتأويل سواء كان فعلاً أو تركاً يكون به مرتداً عن الإسلام، والعلم: الاعتقاد القطعي، فكيف يفسر الاستحلال بعدم الاعتقاد، وهو جمع بين النقيضين" ١. ثم قال معرفاً الجحد: " إن حقيقة الجحد هو إنكار الحق بالفعل، واشترط أن يكون المنكر معتقداً له بالقلب.. قال الراغب في مفردات القرآن ٢ الجحود: نفي ما في القلب إثباته وإثبات ما في القلب نفيه، يقال: جحد جحوداً وجحداً، قال عزوجل: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} ٣، وحسبنا الآية نصاً في الموضوع.." ٤. ثم قال: " وكذلك الاستحلال أو الاستباحة أن يفعل الشيء فعل الحلال والمباح أي بغير حرج ولا مبالاة وهو يعتقد أنه حرام شرعاً ولو لم يكن مجمعاً عليه، فإن كان المستحل متأولاً لنص أو قاعدة شرعية اعتقد بها أنه حلال شرعاًلم يحكم بردته، وإلا كان مرتداً، ويصدق في ادعائه الجهل بحرمته إلا إذا كان مجمعاً عليه معلوماً من الدين بالضرورة" ٥.

ثم وجه رشيد رضا حكمه هذا بقوله:"والوجه في ذلك أن الإسلام هو الإذعان بالفعل لما علم أنه من دين الله في جملته هو الإيمان، إذا الاعتقاد القلبي وحده لا يكون به المعتقد مسلماً ولا يكون الاعتقاد إيماناً حتى يكون نازعاً، ولهذا قالوا بترادف الإيمان والإسلام فيما يصدقان عليه وإن اختلفا في المفهوم.."٦.

هذا هو تصوير مذهب الشيخ رشيد رضا في هذه المسألة، وخلاصته: أنه يكفر من فعل المعاصي واستحلها عملاً بها وإن كان يعتقد أنها محرمة


١ مجلة المنار (٢٥/٢٣ـ ٢٤)
٢ المفردات (ص: ١٨٧)
٣ سورة النحل: الآية (١٤)
٤ مجلة المنار (٢٥/٢٤)
٥ المصدر نفسه والصفحة.
٦ المصدر نفسه والصفحة.

<<  <   >  >>