للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أباً يحملون النفس على ما يعتقدون ... " ١ ثم قال: "وما ورد في آيات أخرى من مخاطبة الناس بقوله: {يَا بَنِي آدَمَ} لا ينافي هذا ولا يعد نصاً قاطعاً في كون جميع البشر من أبنائه إذ يكفي في صحة الخطاب أن يكون من وجه إليهم في زمن التنزيل من أولاد آدم.." ٢.

ثم قال رشيد رضا موضحاً لكلام أستاذه:"إذا كان جماهير المسلمين فسروا النفس الواحدة هنا بآدم فهم لم يأخذوا ذلك من نص الآية ولا من ظاهرها، بل من المسألة المسلمة عندهم وهي أن آدم أبو البشر، وقد اختلفوا في مثل هذا التعبير من قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ... } ٣.." ٤، وعند تفسيره لهذه الآية قال: "أي خلقكم من جنس واحد أو حقيقة واحدة، صورها بشراً سوياً {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} ٥، سكوناً زوجياً، أي جعل لها زوجاً من جنسها فكانا زوجين ذكر وأنثى، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} ٦، كما أنه خلق من كل جنس وكل نوع من الأحياء زوجين اثنين، قال عزوجل: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ٧. وإننا نشاهد أن كل خلية من الخلايا التي ينمى بها الجسم تنطوي على نويّتين: ذكر وأنثى، يقترنان فيولد بينهما خلية أخرى، وهلم جراً ... ولكننا لا ندري كيف ازدوجت النفس الأولى بعد وحدتها، فكانت ذكراً وأنثى، قال تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} ٨ ... " ٩.


١ تفسير المنار (٤/٣٢٣)
٢ المصدر نفسه (٤/٤٢٤)
٣ سورة الأعراف: الآية (١٨٩)
٤ تفسير المنار (٤/٣٢٥)
٥ سورة الأعراف، الآية (١٨٩)
٦ سورة الحجرات، الآية (١٣)
٧ سورة الذاريات، الآية (٤٩)
٨ سورة الكهف، الآية (٥١)
٩ تفسير المنار (٩/ ٥١٧)

<<  <   >  >>