للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفسر رشيد رضا رأي أستاذه فقال:"للأستاذ الإمام في هذا المقام رأيان: أحدهما: أن ظاهر هذه الآية يأبى أن يكون المراد بالنفس الواحدة آدم، أي سواء كان هو الأب لجميع البشر أم لا. لما ذكره من معارضة المباحث العلمية والتاريخية له..وثانيها أنه ليس في القرآن نص أصولي قاطع على أن جميع البشر من ذرية آدم.." ١.

وبناء على ذلك فإن المتبادر من " لفظ النفس بصرف النظر عن الروايات والتقاليد المسلمات أنها هي الماهية أو الحقيقة ... أي خلقكم من جنس واحد وحقيقة واحدة، ولا فرق في هذا بين أن تكون هذه الحقيقة بدئت بآدم كما عليه أهل الكتاب وجمهور المسلمين أو بدئت بغيره وانقرضوا ... أو بدئت بعدة أصول كما عليه بعض الباحثين، ولا بين أن تكون تلك الأصول مما ارتقى عن بعض الحيوانات أو خلق مستقلاً.." ٢.

وأما قوله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} "فمعناه على الوجه الذي قررناه يظهر بطريق الاستخدام بحمل النفس على الجنس وإعادة الضمير عليه بمعنى أحد الزوجين أو يجعل العطف على محذوف يناسب ذلك كما قال الجمهور أو وحد تلك الحقيقة أولاً ثم خلق لها زوجها من جنسها ... " ٣.

وعلى رأي شيخيه مشى رشيد رضا: "إنه ليس بين نظرية الخلق التدريجي ونصوص الإسلام تعارض حقيقي كما يوجد بينها وبين نصوص التوراة ... " ٤.

ويصرح رشيد رضا بأن هذا كان رأيه الذي استفاده من شيخه الأول حسين الجسر: "وأؤكد ... أن مذهب داروين لا ينقض ـ إن صح وصار يقيناً ـ قاعدة من قواعد الإسلام، وأعرف من الأطباء وغيرهم من يقول بقول داروين وهم مؤمنون إيماناً صحيحاً" ٥.


١ المصدر نفسه (٤/٣٢٦)
٢ المصدر نفسه (٤/٣٢٧)
٣ تفسير المنار (٤/ ٣٣٠)
٤ مجلة المنار (٣٠/ ٥٩٦)
٥ مجلة المنار (٣٣/ ٦٤ و١٢/ ٦٣٥ بالحاشية) ، وانظر: مجلة المنار (٣٠/ ١١٣ ـ ١١٤)

<<  <   >  >>