للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} ١، وفي هذه الآية دليل واضح على أن الله تعالى يتكلم بكلام يسمع.

ومن السنة: أحاديث؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم: "يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب ... " ٢، وقوله: "بصوت يسمعه " صريح في إثبات الصوت في كلامه تعالى وأنه يُسمع، وفيه بيان البون البعيد بين صفات الخالق وصفات المخلوق إذ أن صوته تعالى يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب بخلاف أصوات المخلوقين، وأما إثبات الحرف ففي قوله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: آلم حرف، ولكن: ألف: حرف، ولام: حرف، وميم: حرف" ٣.

أما الخلف فإنهم وإن تباينت آراؤهم في الظاهر إلا أنهم في الحقيقة متفقون على إنكار كلام الله تعالى الحقيقي، وأنه لا يتكلم بكلام يسمع، بل بكلام يخلقه في غيره، وينسب إليه على سبيل المجاز، وهو عرض مخلوق ٤.

وحقيقة قول هؤلاء أن الله تعالى لم يتكلم إذ لم يقم به كلام، ولا


١ سورة التوبة، الآية (٦)
٢ رواه البخاري معلقاً، ك: التوحيد، باب: قوله تعالى: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ ... } الآية، (١٣/٤٦١) ورواه: أحمد: المسند (٣/ ٤٤٩٥) ، والحاكم: المستدرك (٢/ ٤٣٧ و ٤/ ٥٧٤) مرفوعاً موصولاً.
٣ رواه الترمذي: ك: فضائل القرآن، باب: فيمن قرأ حرفاً من القرآن..، ح: ٢٩١٠ (٥/١٧٥) وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وانظر: السجزي: مصدر سابق (ص: ١٥٤ ـ ١٥٥)
٤ انظر: الدارمي: الرد على المريسي (ص: ١٢٠) ، وابن تيمية: شرح الأصفهانية (ص: ٨٧) ومن كتب القوم: المغني في أبواب العدل والتوحيد (٧/ ٨٤) ، وشرح الأصول الخمسة (ص: ٥٢٨) كلاهما للقاضي عبد الجبار. ومن كتب الأشعرية: البغدادي: أصول الدين (ص: ١٠٦ ـ ١٠٨) ، والشهرستاني: نهاية الإقدام (ص: ١٠٦ و٣١٠) ، والبيجوري: تحفة المريد (ص: ٨٦) ،

<<  <   >  >>