للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخيراً يبين الشيخ رشيد موقفه من الفرق المختلفة في كلام الله تعالى، فيقول: "ولا يغترن أحد بتلك النظريات التي بنى عليها الجهمية والمعتزلة وبعض الأشاعرة والكلابية وغيرهم أقوالهم في الكلام النفسي واللفظي وجعل بعضه حقيقياً وبعضه مجازاً، ووصف بعضه بالقديم وبعضه بالحادث أو تسميته مخلوقاً ـ فكل ذلك مبني على الهرب من وصف الخالق بصفات المخلوقين لئلا يكونوا مشبهين له بخلقه. ومذهب السلف بني على وصفه تعالى بكل ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم وإسناد ما أسنده إليه كلامه وكلام رسوله مع الجزم بالتنزيه وكونه ليس كمثله شيء كما نزه نفسه. وقامت البراهين العقلية على تنزيهه ولا تنافي بين الأمرين ولا تناقض ... " ١.

وهذا الموقف الذي اتخذه الشيخ رشيد في مسألة القرآن موقف سديد، موافق لما كان عليه السلف وصالحو الخلف، وهذا هو ما استقر عليه الشيخ رشيد ٢.

وقبل أن أختم هذا المبحث أريد أن أقف قليلاً لأبين موقف الشيخ رشيد في مسألة هامة في "علم الكلام". ذلك أن قول الشيخ رشيد رحمه الله عن الله: "أنه تعالى يخاطب من شاء بما شاء ومتى شاء، وأن خطابه لموسى في مصر في شأن فرعون كان بعد خطابه له في الطور ... " ٣ يشير إلى مسألة هامة؛ وهي مسألة "حلول الحوادث بذاته تعالى".

مسألة "حلول الحوادث بذاته تعالى ":

هذه المسألة من المسائل الهامة التي شغلت وقتاً كثيراً في النقاش بين السلف والمتكلمين. وقد بنى المتكلمون فيها مذهبهم على مسألة "حدوث


١ مجلة المنار (٢١/ ٤٧٣)
٢ وقارن مع: مجلة المنار (١/ ٨٥١ ـ ٨٥٤) وأيضاً (٣/ ٨١٠) لتعرف الموقف القديم.
٣ مجلة المنار (٣٤/ ٢٢٢)

<<  <   >  >>