للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستدل الشيخ رشيد أيضاً بالمعقول على إفساد الشرك لصاحبه وعمله، فيقول: "وأما من جهة المعقول: فهو أن الشرك بالله والكفر بأصول الدين من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر يفسد الأنفس البشرية ويدنسها دنساً لا تؤثر معه الأعمال البدنية في إزالته وتزكية الأنفس منه بل تكون كقليل الماء أو نقط من العطر تلقى في مجتمع القذر ... " ١.

فلا يكون غريباً إذاً أن الله تعالى لا يغفر هذا الذنب لأنه مفسدة للنفس البشرية ـ أي مفسدة ـ بحيث لا يرجى من صاحبه صلاح البتة، وسيأتي في هذا المعنى مزيد بيان.

ومن مساوئ الشرك كذلك ومفاسده أنه سبب للخوف ومضيعة للأمن ـ في الدنيا والآخرة ـ أما في الآخرة فالأمن يكون للموحدين دون المشركين، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ٢، والظلم في هذه الآية ـ وكما يقرر الشيخ رشيد ـ هو: "الشرك في العقيدة أو العبادة كاتخاذ ولي من دون الله يدعى معه أو من دونه، ولو لأجل التقريب إليه والشفاعة عنده، ويحب كحبه ويعظم من جنس تعظيمه ... " ٣.

وهذا الخوف يكون في الآخرة كما يقول الشيخ رشيد: "والذي نراه أن الأمن في هذا الكلام يقابل الخوف فيه، وهو الأمن من عذاب الرب المعبود لمن لا يرضى إيمانه وعبادته ... " ٤.

ومعنى الآية في رأي الشيخ رشيد: "الذين آمنوا بالله تعالى ولم يخلطوا إيمانهم بظلم عظيم وهو الشرك به سبحانه؛ أولئك لهم الأمن دون غيرهم من العقاب الديني المتعلق بأصل الدين وهو الخلود في دار العذاب، وهم فيما دون ذلك بين الخوف والرجاء ... " ٥.


١ المصدر نفسه والصفحة.
٢ سورة الأنعام، الآية (٨٢)
٣ تفسير المنار (٧/ ٥٨٠)
٤ المصدر نفسه والصفحة.
٥ المصدر نفسه (٧/ ٥٨١)

<<  <   >  >>