للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يقتصر خوف المشرك على العقاب الأخروي، بل إن خوفه ـ من قبل ذلك ـ ممتد في حياته الدنيا، وهو أثر سيء ـ كذلك ـ بالغ السوء، فإنه يلقي في قلوب المشركين: "الرعب ... وهو شدة الخوف التي تملأ القلب بسبب إشراكهم بالله أصناماً ومعبودات لم ينزل بها سلطاناً ... " ١.

وإنك لن تبذل جهداً كبيراً حتى ترى أثر ذلك الخوف في من يشرك بالله تعالى ـ فإنك ـ وكما يقول الشيخ رشيد: "ترى أصحاب النزعات الوثنية في خوف دائم مما لا يخيف، لأنهم يعتقدون بثبوت السلطة الغيبية القاهرة لكل ما يظهر لهم من عمل لا يهتدون إلى سببه، ولا يعرفون تأويله، للدجالين والمشعوذين، ويرتعدون من حوادث الطبيعة الغريبة، إذا لاح لهم مذنب تخيلوا أنه منذر يهددهم بالهلاك، وإذا أصابتهم مصيبة بما كسبت أيديهم من الفساد توهموا أنها من تصرف بعض العباد، وتراهم في جزع وهلع من حدوث الحوادث، ونزول الكوارث، لا يصبرون في البأساء والضراء ولا يتقون في الرخاء والسراء ... " ٢.

فلهذه الأسباب كلها، ولهذه المفاسد التي تجتمع في المشرك ـ وما هو وفقها ـ فإن الشرك ذنب لا يغفر كما قلت سابقاً، كما أكد الله تعالى ذلك بقوله:

{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ٣ يقول الشيخ رشيد: " أكد الله للناس أنه لا يغفر لأحد شركه به البتة وأنه قد يغفر لمن يشاء من المذنبين ما دون الشرك من الذنوب فلا يعذبهم عليه ... " ٤.

وأرى أنه لا يعسر عليك الآن أن تدرك السبب في ذلك، وهو الفرق بين أثر الشرك وأثر الذنب دونه ـ وهو ـ وكما يقول الشيخ رشيد: "ذلك


١ المصدر نفسه (٤/ ١٧٧)
٢ المصدر نفسه (١/ ٤٢٦)
٣ سورة النساء، الآية (٤٨)
٤ تفسير المنار (٥/ ٤٢٠)

<<  <   >  >>