للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث ممن يدعي أنه صح من طريق الكشف، فهذا الكشف الذي يتحدث به الصوفية، شيء لا يثبت به حكم شرعي ولا دليل حكم شرعي كالحديث، ولو جعلنا الكشف حجة شرعية لما كانت دلالة الشرع محصورة فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه وتلقوه عنه أصحابه الذين هم خيرة هذه الأمة وهم لم يقولوا بهذا الكشف ولم يحتجوا به ... "١.

وعن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وتلقي الأحكام عنه، وهو بعض ما يدعيه الصوفية –يقول الشيخ رضا "وأما ما نقله ... من استشارة الأئمة المجتهدين للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة في كل ما أثبتوه، ومن القول بعصمتهم فهما من الباطل الذي لا يقبله إلا الخرافي الجاهل ثم إن الذين ادعوا أنهم يرون النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ويسألونه عن الأحاديث المروية عنه وعن الأحكام والحقائق يختلفون في كل ذلك اختلافا يدور بين النفي والإثبات والحلال والحرام والكفر والإيمان فكيف يمكن أن تصح دعواهم؟ ... "٢.

وهذه حجة صحيحة، فإن الاختلاف والتناقض دليل البطلان، كما قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} ٣.

وأما دعوى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم –بعد موته- فهي دعوى بلا دليل، وهي لم تقع لأحد من الصحابة على حبهم له. يقول الشيخ رشيد: "وأما مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أي رؤية روحه الشريفة القدسية متشكلة بصورته الكاملة الجسدية، فقد اختلف العلماء فيها٤، فنفاها قوم وأثبتها آخرون ممن يدعونها أو يصدقون من ادعاها من الصوفية، ومن الثقات من قال بإمكان


١ مجلة المنار (١٠/٣٤٩) .
٢ مجلة المنار (٢٦/٧٣٦-٧٣٧) .
٣ النساء، الآية (٨٢)
٤ لم يقل أحد من العلماء الثقات المعتبرين بجواز رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، ولا قال أحد منهم بوقوعها، وإنما هو قول الخرافيين والدجالين من الصوفية ونحوهم. انظر: ابن حجر: فتح الباري (١٢/م٤٠٠-٤٠٢) .

<<  <   >  >>