للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصولها في حال بين النوم واليقظة ... "١.

ويعتمد مدعو رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، على حديث: "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة" ٢. الحق أن هذا الحديث تفسيره الرواية الأخرى وفيها: "فكأنما رآني في اليقظة" ٣ وكلاهما في الصحيح. وأما أخذ الرواية الأولى على ما يذهب إليه الصوفية فهو مشكل جداً، "ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، وبعكر عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام قم لم يذكر واحد منهم رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يختلف"٤، وفي توجيه الرواية أوجه أخرى، كلها تدل على غير ما يريده الصوفية٥.

فالصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى في اليقظة ويرى في المنام كما دلت الأحاديث ولكن ليس ذلك دليلا شرعيا يترتب عليه أحكام شرعية كما يدعي الصوفية، وأما ما ادعاه بعضهم من رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة، فهو إن كان ممن لا يتعمد الكذب فهي من الرؤية الخيالية لا من الرؤية الحقيقية، وكما يقول الشيخ رشيد:" إنها لا تتضمن أخذ شيء عنه ينافي القرآن أو غيره من أصول الشريعة أو فروعها القطعية"٦.

إن الشيخ رشيد رحمه الله إذ يقرر أن "الكشف ضرب من علم الغيب


١ مجلة المنار (٢٦/٧٣٦) ، ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام لا بد أن تكون على الصفة التي كان عليها صلى الله عليه وسلم في حياتهو فليس كل من رأى شخصاً يكون قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون رآه على صفة صحيحة كما في كتب وروايات المحدثين.
٢ انظر: السيوطي: تنوير الحالك (٢/٥٠) ، وابن حجر الهيثمي: الفتاوى الحديثية (ص:٢١٢) ، والحديث عند البخاري: الصحيح، ك: التعبير، باب: من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، ح: ٦٩٩٣ (١٢/٣٩٩) مع الفتح.
٣ انظر: مسلم: الصحيح، ك: الرؤيا، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني"، ح: ٢٢٦١ (٤/١٧٧٥) ، وانظر: ابن حجر: فتح الباري: () ١٢/٤٠٠ وما بعدها.
٤ ابن حجر: الفتح: نفس الصفحة، و (١٢/٤٠٢) .
٥ المصدر نفسه والصفحة.
٦ مجلة المنار (٢٦/٧٣٧) .

<<  <   >  >>