كان صاحب الفضل في أول توحيد قام على دعائم ثابتة, ظهرت آثارها في عهد الأسرتين الأولى والثانية.
فالآثار التي اكتشفت من ذلك العهد تدل على أن المصري ظل يستعمل كل ما صادفه من أحجار مناسبة في صنع الأدوات والأواني اللازمة له وطور فيها, كما استعمل النحاس وإن كان ذلك بدرجة محدودة، واستخدم العاج والأصداف في تطعيم مصنوعاته الخشبية, وارتقى بفن النسيج فتوصل إلى صناعة منسوجات دقيقة راقية, وتدل آثارهم كذلك على أنهم تأنقوا في زينتهم وفي طعامهم إلى درجة الترف.
ومع أن مصر ظلت طوال عهودها الفرعونية تنقسم من الناحية الإدارية إلى شطريها القبلي والبحري "إشارة إلى المملكتين اللتين تكونتا في عصر ما قبل الأسرات"؛ فإن الملك خلال عهد هاتين الأسرتين صار مطلق السلطة وله صفة الألوهية؛ إذ كان يعتبر صورة الإله الحية على الأرض وعليه يقع عبء الدفاع عن مصر ورفاهية شعبها فيأمر بحفر الترع وإقامة الجسور وبنشر العدالة بين الناس، يعاونه في ذلك عدد كبير من الموظفين على رأسهم وزير ربما كان أصل اختصاصه أن يكون حلقة الاتصال بين الملك وبين موظفيه الذين كانوا ينقسمون من حيث الاختصاص إلى موظفين مختصين بمملكة الجنوب وآخرين مختصين بمملكة الشمال؛ فمثلًا كان هناك حامل أختام ملك الجنوب وآخر يحمل لقب حامل أختام ملك الشمال وكانا يرأسان بيت المال المزدوج أي: بيت مال الجنوب وبيت مال الشمال. وفضلًا عن ذلك كانت مصر تنقسم إلى عدة مقاطعات يرأسها حكام أو أمراء، يعاونهم على تصريف الأمور فيها عدد من الموظفين الذين كانوا يعنون بتدوين ارتفاع الفيضان لتقدير الضرائب على الزراعة المحتملة, ويقومون بعمل التعداد الذي كان يعمل كل سنتين، وكانت بكل مقاطعة هيئة تشرف على القضاء وعلى سائر الأعمال الإدارية وتشرف على عملية الإحصاء وتراقب