اختلف المؤرخون في أصل هؤلاء السومريين؛ إذ لم يمكن إرجاع لغتهم إلى عائلة اللغات السامية أو إلى عائلة اللغات الهندو أوروبية؛ ولذا فإن فريقًا من الباحثين يرى أنهم جاءوا أصلًًا من مكان في شرق بلاد النهرين أو جنوبها الشرقي، ويرى فريق آخر أنهم جاءوا عن طريق البحر وأنهم من نفس الجنس الذي وصل إلى مصر في عصر ما قبل الأسرات؛ بينما يرى فريق ثالث أنهم نشئوا نشأة محلية وتطورت حضارتهم محليًّا أي: إنهم لم يكونوا من الأجانب.
وإذا ما تتبعنا الأساطير السومرية وجدنا أن السومريين اعتقدوا أن الآلهة خلقت البشر ليقوموا على خدمتهم, وأن الإنسان في حاجة إلى من يرعاه من الحكام الذين يختارهم الآلهة لتدعيم قوانينها المقدسة؛ "ففي عصر سحيق أنزل التاج وعرش الملكية من السماء", ومنذ ذلك الوقت سيطرت سلسلة من الحكام على مصائر أهل سومر نيابة عن الآلهة وهم يعملون لصالحها في نفس الوقت؛ فالملوك على هذا النحو كانوا يتمتعون بالقدسية منذ أقدم العصور وإن كان بعض الباحثين يعتقد بأن نظام الحكم في سومر كان يمثل ديمقراطية بدائية؛ حيث كانت طائفة من المدنيين تختار -عند الأزمات- زعيمًا للمحاربين "لوجال" لتولي شئون الدولة, ويستدلون على ذلك بما يتمثل في أسطورة الخلق؛ حيث تشير إلى أن الآلهة اختارت "مردوخ" كي يقضي على "تياما"١، ورغم أن تاريخ السومريين غير واضح في معظمه؛ إلا أن ما وصلنا من نصوص تاريخية وما أسفرت عنه البحوث الأثرية تدل على أنهم كانوا في عصر فجر السلالات يعيشون في عدد من المدن المستقلة تحاول كل منها فرض سيادتها على المدن
١ "مردوخ" هو أبو الآلهة عند البابليين ويمثله لدى السومريين "إنليل" إله الجو والهواء, أما "تياما" أو "تيامات" فهي إلهة الماء الملح وكانت تريد إهلاك أبنائها.