للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي كان أستاذًا للأشوريات في "College de france"؛ فأرسلت إلى كل منهم نسخة من نص مسماري لم يكن أحدهم يعرف عنه شيئا؛ لأنه كان حديث الاكتشاف وهو على ثلاثة أختام صلصالية من عهد تيجلات بلاسر الأول وطلبت إليهم أن يرسل كل منهم ترجمته على حدة للجمعية التي شكلت هيئة للتحكيم؛ فجاءت ترجماتهم متطابقة إلا من اختلافات تافهة، وعلى ذلك أصدرت لجنة التحكيم قرارها بأن النصوص المسمارية البابلية الأشورية أمكن تفسيرها, وأصبح في الإمكان قراءتها وفهمها.

ومن معالجة مختلف النصوص التي عثر عليها في بلاد النهرين يتبين لنا أن عصرها التاريخي "على خلاف تاريخ العصر التاريخي في مصر" أبعد من أن يمثل تاريخ وحدة سياسية؛ لأنه لم يبدأ في جميع أرجائها في وقت واحد؛ نظرًا لاختلاف ظروف البيئة في أقسامها المختلفة ولاختلاف الأقوام التي عاشت فيها، ولذا ينقسم هذا العصر إلى أقسام يتميز كل منها بتغيرات سياسية مهمة تصاحبها أحيانًا تغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية.

وأول هذه الأقسام هو الذي يطلق عليه اسم العصر قبل السرجوني١ أو عصر فجر السلالات؛ إذ إنه يشمل جزءًا من الألف الثالث وينتهي بغزو الملك السامي سرجون الأول ملك أكد لبلاد سومر حوالي سنة ٢٤٠٠ ق. م. وقد سبق أن أشرنا إلى أن القسم الجنوبي من بلاد النهرين بدأ عصره التاريخي قبل قسمها الشمالي٢، ولما كان ذلك القسم قد عرف باسم سومر٣؛ فإن من الممكن القول بأن السومريين هم الذين بدءوا العصر التاريخي في بلاد النهرين.


١ نسبة إلى سرجون الأول ملك أكد, وهو سادس ملوك الأسرة السامية "الأمورية" التي تأسست في وسط العراق.
٢ انظر أعلاه ص٣٣٨-٣٣٩.
٣ طه باقر "مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة" جزء "١" "بغداد ١٩٥٥" ص٨٩ وما بعدها.

<<  <   >  >>