يمثل العصر الحجري الحديث والعصر التالي له "بداية استخدام المعادن" في عدة مواقع في سورية وفلسطين، وقد اصطلح كثير من الأثريين على اتخاذ منطقة العمق في سورية نموذجًا للحضارات التي شاعت في هذا العصر وما تلاه؛ نظرًا لأن تلالها الكثيرة بطبقاتها المختلفة تحوي آثارًا لكل من هذه الحضارات, ويقابل هذه المنطقة في فلسطين منطقتا جريكو وتل الغسول.
وقد وجدت آثار حضارة العصر الحجري الحديث في تل الجديدة وساكجي جوزي "في أقصى الشمال" ومرسين في قيليقيا وهذه يمكن وضعها ضمن آسيا الصغرى؛ ولكنها أقرب إلى الإقليم السوري؛ ولذلك تلحق به، وقد وجدت نظائر لهذه الآثار في طبقتي العمق أ، ب بسورية وطبقتي ١٠، ٩ في جريكو بفلسطين، ويمكن أن نعدها نظائر لحضارات حسونة بالعراق وسيالك الأولى في إيران, وهي تمثل مرحلة استقرار بالمعنى الصحيح؛ إذ عثر فيها على بعض الفئوس والمناجل الحجرية لا شك في أنها استخدمت في الزراعة، كما عثر فيها على أجران ومخازن. أما الأواني الفخارية التي عثر عليها فربما كانت متأثرة في صناعتها بما كان سائدًا في العراق؛ حيث يرى البعض أنها متأثرة بحضارة سامراء التي تنتمي إلى أواخر الدور الحجري الحديث؛ بينما يرى البعض الآخر أنها متأثرة بحضارة حلف١ التي تنتمي إلى أوائل دور بداية استخدام المعادن.
١ انظر مع ذلك فيليب حتي: تاريخ سورية.. "الترجمة" ص٢٢، ٢٣ استخدام المعادن.