حينما اشتد الجفاف في أقاليم الشرق الأدنى؛ أخذ الإنسان يهجر المناطق التي عاش فيها إلى وديان الأنهار وبالقرب من المجاري المائية الدائمة كما سبق أن أشرنا١، ولم يشذ أهل إيران عن غيرهم من سكان بقية أقاليم الشرق الأدنى فاتجهوا إلى السهول؛ حيث أخذوا يتحولون إلى حياة الاستقرار فيها، وأقدم المحلات التي أمكن التعرف عليها في السهول توجد في سيالك "قرب قاشان" جنوب طهران التي يميز فيها بين طبقات حضارية ثلاث, تعرف بين الأثريين باسم سيالك١، سيالك٢، سيالك٣ على الترتيب، ولا ينتمي إلى العصر الحجري الحديث إلا سيالك١.
سيالك١:
تنتمي هذه الحضارة إلى نهاية العصر الحجري الحديث، وفيها لم يعرف الإنسان بناء المنازل بل كان يحتمي -في أول الأمر- في دروة من المواد الخفيفة, ثم عرف -في نهاية المرحلة- كيف يقيم جدرانًا من الطين يأوي إليها، ومع أنه استمر صيادًا إلا أنه أخذ يستأنس بعض الحيوانات مثل الماشية والأغنام "التي اكتشفت عظامها مع مخلفاته"، وبدأ مرحلة الزراعة وصنع الفخار وهو إما أسود أو أحمر, وكانت أوانيه مزخرفة بخطوط أفقية ورأسية متقاطعة يحتمل أنها كانت محاكاة للسلال، وكانت كل آلاته من الحجر، وقد عثر منها على سكاكين ومحتات وفئوس وغيرها, أما أدوات الزينة فكانت كثيرة منها دلايات من المحار وأساور وخواتم من المحار أو الحجر، ومن المرجح أن الإنسان في ذلك العصر استعمل الوشم أو طلاء الوجه على الأقل؛ حيث عثر على محصن وصلاية دقيقين، وقد أخذت النزعة الفنية في الظهور فبدأ الحفر والنقش في العظام؛ إذ نجد